في الويكاند هذا شاءت الاقدار اني نمشي مع زوز اصحابي لقليبية بما انو واحد منهم باش يطلع يعزف في حفل صغير غادي.. و زيد عندنا صاحبنا اخر قليبي يخدم D.J تطوع باش يقوم بمهة الوصل بين الوصلات الموسيقية و يعمل بهجة في المكان...
انا مانيش باش نحكي لا على الحفلة اللي تعدات باهية و كيفاش عباد من مختلف الشرائح العمرية جاو و قعدو يسمعو في شباب صغير يغني في نقشات متاع راديوهاد و بينك فلويد ومانيش باش نشكي من بعض "الجهوية" اللي عرضتنا غادي و كيفاش بعض التاكسيات استغلو جهلنا بنظام "التاكسي بالبلاصة" متاعهم و قلبونا...
لكن باش نحكي على خاطرة دورتلي خواطري وقتلي انا قعدت وحدي على سور قصير متاع القهوة نغزر للبحر و نستنى في اصحابي يرجعو من رحلة البحث عن السارفور باش يخلصوه في الماكلة اللي كليناها و قهاوينا...
فبينما انا نحوس بعينيا في مجالي البصري الممتد بين ساقي اللي تتدلدل و بين الحرف متاع الافق, ريت قطعة حبل جايبها بحر واحلة بين الحجر في الماء... ظهرلي منظرها كيما المشنقة... و ديراكت جا في مخي مشهد احدهم و هو مربوط بحبل في رقبتو و معلّق يدلدل في ساقيه....
و في تلك اللحظة بالذات تبربش مخي و سألت نفسي سؤال غبي : علاش العبد كي يشنقوه يموت ؟؟
بون انا ماعرفتش علاش حسيت انو السؤال غبي.... هل انو غبي لأنّي نعرف منذ سنوات طوال كيفاش الشنق يؤدي الى الموت و بالتالي يصبح سؤالي مجرد تضييع للوقت ؟ او لأنّي ما عنديش شكون من معارفي صارتلو شنقة قبل و نجم نسألو و يوضحلي العملية كيفاش تصير...
لكن مخي اللي ما فهمش اني في شبة عطلة اصر على انو يلقى اجابة تواتي ميولاتو السوداوية و بناء عليه اطلق انذار النيكوتين و مع ثاني كمية من السيڨارو ، غمغم مخي و قالي :
المشنوق يموت من قهرتو و حزنو عالارض اللي كان واقف عليها... و بعدوه عليها و عجزو عن فعل اي شي حيال ذلك...
و اللي يضاعف مأساتو هو انو لا ينجم يمسها و لا يحط ساقيه عليها رغم قربو منها...
المشنوق المتدلدلة سيقانه, يعاني من حرمانو من الاحساس اللي استانس بيه منذ اول خطواته...
الاحساس بوجود ارض صلبة ما ترخش بيه، ينجم يبقى يمشي و يجري و ينڨز عليها لين يحقق مرادو و يهبط لقشة من السماء...
كل معاناة المشنوق في اللحظة هاذيكة تتلخص في كونو ما تعلمش يمشي و يجري و ينڤز.... بعيد عن الارض...
.......
و عند اشارة دراشكون، يلقى المشنوق روحو معلق في الهوا... الهوا في البلايص الكل... على يمينو و يسارو ثمة كان الهوا... و من فوقه و من تحته ثمة كان الهوا... و كذلك من امامه و خلفه...
كلو هوا في هوا...
و المشكل الحقيقي يمثل في ان رغم وجود كل ذلك الهواء المحيط بيه...
ما ينجمش ياخو نفس صغير منو يعاونو على هم الشنق....
فيموت من قهرتو...
بعدما قالي مخي الهدرة هاذي الكل، طيشت السيڤارو و ربربت عليه في ابتسامة يائسة ...
و انا ربربت عليه لسببين قد يكون لهما اكثر من ثالث... السبب الاول : هو اني ادركت ان السؤال يستمد غباؤو من معرفتي بان مخي من المواد القابلة جدا للغرق و ان الظرف موش مناسب باش نبربشو و نفسّد على روحى بعض النسائم البحرية الباردة...
و السبب الثاني هو ادراكي ان التعليق في الفضاء و الحرمان من الارض الصلبة... و حرمانك من الهواء الداير بيك -سواء اللي نتفسوه او الانواع الاخرى-, لا يتطلب دائما مشنقة...
فــــهـــنــــا توجد انواع كثيرة للشنق و تستعمل فيه ادوات و وسائل عديدة اهونها هو التعليق بالحبل... فمن حسنات التعليق الحبل ان الشنق يدوم بضع دقائق طوال ... بينما الطرق الاخرى - الموجودة هنا - تدوم بضع اجيال فقط... و من حسنات التعليق بالحبل كذلك ان المشنوق ينجم "يفرفط" و لو لبضع ثواني قبل ما يموت...
بينما الانواع الاخرى من الشنق ....
و مع السيڤارو الثاني فديت وكرّزت كثيرا كي ادركت ان حلمي و حلم غيري هــنــا موش نمنْعو رقابنا من الشنق...
بل ان نعطيوها تفرفيطة صغيرة...